بيان عقيدة مشايخ أهل الدعوة والتبليغ
منهج جماعة التبليغ في الدعوة إلى الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح
يقول الشيخ بالمبوري حفظه الله "نحن مكلفين باتباع الصحابة مثل اتباع الرسول كما قال الله تعالى:
]والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه[( ).
نحن لا نستغني عن الصحابة فلا نسيء الأدب في الصحابة:
]فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا[( ).
ما آمنتم مّن؟ إيمان الصحابة لو يكون إيماننا مثل إيمان الصحابة لنصير في الهداية:
]فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق[.
لهذا السبب نحن لا نستغني عن الصحابة ونحن لا نستغني في فهم القرآن عن الرسول وعن الصحابة ولا يجوز لنا أن نفهم القرآن رأساً بنفسنا، أعداء الله -تعالى- هم شاطرين باسم القرآن يبعدوننا عن القرآن، هم يقولون أن الصحابة بدو ومن سكان الجبال، وهم فعلوا كذا وفعلوا كذا فاتركوا ونحن مثقفين رأساً نفهم القرآن، هذا إبعاد عن القرآن باسم القرآن والمثقفون لا يفهمون هذه الحيلة وهذا المكر وهم يبعدوننا عن القرآن باسم القرآن، يا أخي نحن يجب أن نكون متبعين الرسول والصحابة. رأساً لا نفهم القرآن ولو نفهم القرآن رأساً فهذا يقول شيء وهذا يقول شيء. ولا يصير قرآن هناك. رجل يأكل لحم الخنزير يا أخي حرام. فيقول في القرآن موجود هذا وما هو؟ فيقول:
]وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم[( ).
يقرأ هذه الآية ويأكل الخنزير لماذا؟ لأنه فهم القرآن رأساً ولم يجتهد حتى يفهم من الصحابة، ورئيس دولة في رمضان، لما جاء رمضان في الصيف أعلن لا تصوموا في الصيف، ولكن صوموا في الشتاء، ويقول هذا في القرآن موجود:
]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ ( )
ويقرأ هذه الآية بفهمه، لأنه ما نظر للصحابة هم ماذا فهموا رجل يأكل الرشوة ويأكل الربا، وإذا قيل له حرام، قال لا أنا لا أستطيع أترك لو أترك فأنا أقع في الهلكة، لأنه لا يصبح عندي مال بعد ذلك والله يقول:
]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ ( )
وهذا في القرآن موجود وقرأ هذه الآية ويشتغل بالربا( ) أنتم تضحكون وأنا أبكي، إن أعداء الله تعالى باسم القرآن كيف يبعدوننا عن القرآن، والله العظيم، نحن لا نستغني في فهم القرآن عن الرسول وعن الصحابة الكرام، وعن التابعين وعن تابعي التابعين، وعن السلف الصالح، لا نستطيع أن نستغني عنهم في فهم القرآن، وإلا فالقرآن يخرج منا، هؤلاء الأعداء هم يفهموننا أن الصحابة فعلوا كذا، فعلوا كذا، وفيهم من زنى وشرب الخمر ومنهم من سرق فلذلك اتركوهم يا أخي في الرسول نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة في زمانه أسوة وبعض الأشياء غير مناسبة حصلت في زمانه لتعليم الأمة ذلك فهكذا لما رجم رسول الله نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة الغامدية علم الأمة ذلك، ولما قطع يد السارق، علم الأمة ذلك، ولما أقام حد شرب الخمر، تعلمت الأمة ذلك، والله طهر هؤلاء الصحابة، حتى لا يخرجوا من جملة الصحابة رضي الله عنهم".
ويقول في موضع آخر: "نفهم الكتاب والسنة كما فهمه الصحابة والسلف الصالح، لأنهم كانوا متمسكين به[، ولأن الله أثنى عليهم، فلا نفهم الكتاب والسنة إلا بفهم السلف الصالح، ولا يجوز أن نفهمه مباشرة ورأساً وإذا لم نفهم الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح فتنقلب الموازين وكذلك لا نفسر القرآن بفهمنا بل بفهم السلف" أ. هـ.
منهج الجماعة تجاه عقيدة السلف
أ- توحيد الربوبية والألوهية :
يقول الشيخ بالمبوري -حفظه الله- "الدنيا دار الأسباب، ولكن الله مسبب الأسباب، يرى في هذه الدنيا الشيء من الشيء والولد من الأب، ولكن في الحقيقة الله -سبحانه وتعالى- هو المؤثر في الأشياء، نحن نرى أن الحب من الثمر ولكن الأصل أن الله خالق الحب والنوى ولكن ترى الأشياء من الأشياء، ولكن الله هو مسبب الأسباب، ولكن نحن لا نرى قدرته.
الله سبحانه وتعالى قادر على تعمير حياة الإنسان وتخريبها( )، والله ليس بحاجة إلى أي سبب ولما أراد الله تعمير حياة يوسف، عمرها في السجن، ولما أراد الله تخريب(1) حياة فرعون وقارون خرب(1) حياتهم في العزة والملك.
الحمد لله الذي أخرج هذه الدعوة لندعو إلى كتاب الله وسنة رسوله ونرجع إليهما، الحمد لله الذي أخرج هذا العمل لتوحيد الألوهية، والربوبية، وأسماء الله وصفاته.
الله عز وجل علم نبيه أن يركز على الإيمان والنبي علم أصحابه الإيمان واليقين الصحيح، وبضدها تتميز الأشياء، التوحيد ضد الشرك، نصرف أنفسنا لله ولا نتوجه لغير الله، سواء صنم يعبد، أو قبر يزار، بل كل هذا شرك، ولكن الشرك، شرك دون شرك، وكفر دون كفر، وكذلك اليقين.
ولذلك ركز النبي على هذا اليقين والتوحيد الخالص، حتى أن النبي أراد ربط الإنسان بالتوحيد عن طريق الصلاة، فعند الدخول في الصلاة التكبير، وهكذا الركوع، كل هذا لتوحيد الألوهية، وإذا أتى توحيد الألوهية، يأتي توحيد الربوبية، وكل جهد مثل الحلقات وغيرها هو لهذا اليقين.
ولكن الدعوة إلى أي شيء؟ إلى الله وحده لا شريك له وأن الله( ) كما نعبد الله وحده ونعترض على أهل الأصنام فكذلك نحن ننكر عبادة غير الأصنام، وكذلك ننكر على الذين عندهم الشركيات. لو تقابل أهل الشرك الحقيقي، مع أهل الشرك المجازي، فيغلب أهل الشرك الحقيقي، ومعنى الشركي الحقيقي، هو عبادة الأصنام، والمجازي الاعتماد على غير الله، وهذا لا يخرج عن كلية الإيمان ولكن يعذب صاحبه بقدر ما أشرك مع الله الأسباب.
حقيقة الإيمان أن نتيقن على ذات الله ولا نتأثر إلا به، والله أمر نبيه: ]يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر[ ( )
فقدم لفظة ربك على التكبير وهذا يفيد الحصر، أي لا تكبر غير ربك.
معية الله بالصفات الإيمانية الصبر والتقوى والإحسان، وهذا هو زبدة الإيمان، وأنا أقول إن الإيمان بذات الله أن لا نعتمد على غير الله، ولا رجاء بغير الله، ولا استعانة بغير الله، ولا نستعين إلا بالله، ولا نعبد إلا الله، ولا نسجد لغير الله، ولا نركع للأصنام ولا نقوم لغير الله، فإذا أخرجنا من قلوبنا الخوف من غير الله، والرجاء من غير الله، بعد ذلك تأتينا نصرة الله".
ويقول الشيخ زين العابدين: عرفنا أن محمداً وجميع الأنبياء ركزوا جهدهم على تعليم الأمة، وصبروا وأخذوا أضعاف مدة تعليمهم في الإيمان على تعليم الأعمال فما هو الإيمان؟
الإيمان هو لا إله إلا الله، وهذا نفي وإثبات، فالإنسان إذا كان قلبه متعلق بالأسباب والقوة، وقوة السلاح، وقوة الأشياء المادية، وقوة الملك والمال، ويجد قلبه متأثراً بالأحجار سواء أحجار الجاهلية، أو الأحجار الإلكترونية، فكلها أحجار، فإذا رأى الإنسان ذلك، يجتهد ويخرج من هذه الشركيات، حتى يكون قلبه متعلق بالله الأحد، الذي يفعل ولا يستعين بأحد، والصمد الذي يفعل ولا يحتاج إلى شيء.
قوم ثمود كانوا أساتذة العالم في البناء، والله أخرج لهم ناقة من الجبل، ويروى أنها كانت حامل ووضعت حملها، كل ذلك ليعلم الله خلقه بأني أنا الخالق، أخلق الولد بدون أب، والناقة من الجبل، وعيسى من غير أب، وآدم من غير أب وأم، كل ذلك لبيان قدرة الله، لأن الإنسان كثيراً ما يربط بين الأسباب، ويعتقد أن فيها النفع والضر، فهذا معنى لا إله إلا الله، تخرج من قلوبنا الاعتماد على غير الله، فالله إذا شاء يخلق العزة مع قلة العدد، تلك الإرادة التي علمها رسول الله ابن عباس: "واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك بشيء إلا قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء إلا قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف" الأمة بحاكمهم ومحكوميهم لا تأثير لهم في شيء.
الخلاق هو الله صاحب الإرادة هو الله، فإذا خلي قلب الإنسان من كل المخلوقات فعند ذلك يأتي اليقين، فيجد قلبه متقبلاً اليقين
المادة الأولى في مدرسة النبي هو الإيمان بأسماء الله وصفاته، الإيمان بأن الله هو النافع والضار، هو الذي يضل وينفع ويمنع ويهدي، وإذا صلح اليقين بهذه الصفات يصبح عنده حقيقة الإيمان بأسماء الله وصفاته" أ. هـ. كلامه.
ويقول أحمد لات: "هكذا المؤمن لا يترك أمر الله، ولا يسأل إلا الله، ولا يرجو إلا الله، فرعون اجتهد حتى لا يأتي موسى، وكان يقتل الأطفال، ولكن الله إذا أراد أن يحفظ الإنسان فمن يستطيع أن يضره؟ وكذلك الذي يريد الله له الحياة فمن يستطيع أن يميته؟ فالله -سبحانه وتعالى- يبين هذا حتى يقوي الإيمان في قلوب الناس إلى يوم القيامة.
جميع الأنبياء ونبينا دعوا إلى الإيمان والعمل، ففلاح الإنسان بلا إله إلا الله محمد رسول الله، فهي من جزئين فالإنسان يخرج من بيته ويتحمل الشدائد حتى يخرج من قلبه جميع الأشياء، ويدخل اليقين على الله، لا يكون في قلوبنا أي يقين على غير الله، سواء الشمس والقمر والملائكة وجبريل، هكذا يأتي في قلوبنا اليقين الخالص، فالله خالق بدون معونة أحد، يستطيع بقدرته أن يفعل كل شيء بقدرته.
إذا أتى الإيمان في قلوبنا، كيف أن الله هو الرازق، هو المانع، كيف نؤمن بصفات الله وأسماءه، هو رب العالمين هو ذو القوة المتين" أ. هـ.
ويقول الشيخ عبد الوهاب: "أول ما اجتهد عليه الأنبياء هو الإيمان، من الأشياء إلى رب الأشياء، وكانوا يقولون قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، فلاحكم بيد الله وقوتكم بيد الله، وكل شيء من خزائن الله:
]ولله خزائن السماوات والأرض[ ( )
الروح من الله، الحياة من الله، الموت من الله، وكل شيء محتاج إلى أمر الله، ولا يستطيع الإنسان أن يستعمل أي حاجة إلا بأمر الله، الله أعطى النور للشمس، ولكن الشمس لا تمشي بأمرها بل بأمر الله، والله قادر على كل شيء هو الأحد، هو الصمد، ومعنى الصمد الذي لا يحتاج إلى شيء، ولهذا المقصد نجتهد حتى ندخل في قلوب الناس الاعتماد على الله، فنتحرك للعالم حتى نبين لهم ذلك، نحن لا نستطيع أن نحصر قدرة الله لأن عقلنا محصور" أ. هـ.
ويقول الشيخ جمشيد: "(والعصر) ( ) الواو للقسم (إن الإنسان) إن للتأكيد، والجملة الاسمية هنا للتأكيد، فأتى الله بكل هذه التأكيدات، قال تعالى: (والعصر) أي الدهر أو وقت العصر (إن الإنسان) أي جميع الناس (لفي خسر) (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات …) للإيمان ثلاثة جهود، التصديق بالجنان، والعمل بالأركان، وإقرار اللسان.
ويقول الشيخ ظهير: "اليقين الصحيح هو أن يعلم الإنسان أنه محتاج إلى أمر الله، كذلك الأشياء في نفعها وضرها محتاجة إلى أمر الله، هذا هو اليقين الصالح وهذا هو مفهوم لا إله إلا الله، أي سوى الله لا يضر ولا ينفع، إنما النفع والضر هو من الله جل جلاله هذا هو اليقين الصالح" أ. هـ.
منهج الجماعة تجاه توحيد الصفات والأسماء
يقول الشيخ زين العابدين -حفظه الله- "وكيف علم النبي أصحابه الإيمان بجزئية لا إله إلا الله محمد رسول الله، وهذه ليست كلمة باللسان فقط بل يقين خالص لا خدعة فيه، يكون يقيناً واحداً بذاته، واحداً بصفاته، منه تنزل الأحكام وإليه تصعد الأعمال..
المادة الأولى في مدرسة النبي هو الإيمان بأسماء الله وصفاته، الإيمان بأن الله هو النافع، هو الضار، هو الذي يضل ويمنع ويهدي، وإذا صلح يقين الإنسان بهذه الصفات يصبح عنده حقيقة الإيمان بأسماء الله وصفاته، وهو في سائر أعماله يكون مخلصاً لله، هذا الإنسان الذي آمن بأسماء الله وصفاته، يعلم أن الله معه يسمعه ويراه فإذا صلى الإنسان ولم يؤمن بأسماء الله وصفاته، فصلاته تكون ضعيفة وغير صحيحة، كذلك الإنسان إذا ترسخ في قلبه أسماء الله وصفاته، فيكون مراقب الله، أعماله خالصة وهو غير محتاج إلى أن يتلفظ بنيته، لأن هذه النية رسخت في قلب من رسخ في قلبه الأسماء والصفات.
نستطيع أن نحلف بالله، لا سعادة لنا إلا بالإيمان، وأن الإيمان والعمل الصالح هو الذي ينقصنا، ولا تنقصنا الأسباب، ونستحضر أسماء الله وصفاته.
الله له صفاته ومن صفاته السمع، ونحن نسمع ولكن سمع الله يليق به (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) وكذلك له البصر، ونحن لنا البصر، ولكن بصر الله ليس كبصرنا (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) ومن صفاته العدل والإعطاء" أ. هـ كلامه.
وبعد أن انتهى الشيخ وجهت إليه الأسئلة التالية:
تفضلتم في بيانكم المتقدم وتكلمتم عن توحيد الله في أسمائه وصفاته فما واجبنا تجاه الآيات التي تثبت لله الوجه( ) واليدين( ) وكذلك الأحاديث التي في البخاري والتي تثبت الأصابع( ) والقدم( ) لله.
فقال: نثبتها مع التنزيه.
قلت: يعني نثبت أن لله قدما.
قال: نعم ولكن مع التنزيه.
قلت: وهكذا في باقي الأسماء والصفات التي وردت بالكتاب والسنة؟
قال: نعم.
قلت: فما رأيكم بإثبات اليدين لله تعالى؟
قال: نعم نقر بهذا بدون تشبيه ونثبت لله ما أثبته لنفسه.
قلت: هل ترون أن الله مستو على عرشه فوق السماء؟
قال: نعم.
قلت: فما رأيكم في قراءة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؟
قال: نعم اقرءوها. أ. هـ.
ثم التقيت بالشيخ جمشيد -حفظه الله- فقلت له: يقول لنا أهل الحجاز اسألوا مشائخكم عن موقفهم تجاه توحيد الله في الصفات والأسماء، كإثبات اليدين والأصابع كم في البخاري وغيره فما تقولون؟
قال الشيخ: نحن عقيدتنا عقيدة أهل السنة والجماعة، نؤمن بالأسماء والصفات ونثبتها بدون تشبيه، ونقول أن الله تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ أ. هـ.
يقول الشيخ أحمد لات: "والذي يدعو إلى التوحيد الخالص يحفظه الله، وأمام الداعي قدرة الأشياء، وأمامه صفات الله، فالذي معه قدرة الله، الله يسخر له كل الأشياء، لأنه يدعو إلى التوحيد الخالص إلى صفات رب العالمين، فالمؤمن عندما يدعو إلى قدرة الله وصفاته فإذا تحمل الشدائد، الله يرزقه الفلاح والنجاح، لأن قدرة الله معه، فهو قادر على كل شيء".
وبعد بيانه سألته الآتي:
ما منهجكم وموقفكم تجاه آيات الأسماء والصفات؟
فقال: نحن نقول كما قال مالك: الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة.
ونثبتها بدون تكييف لها، والله ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[.
قلت: يعني تثبت لله الوجه واليدين والقدم والأصابع كما في القرآن والسنة؟.
قال: نعم نثبتها بدون تشبيه ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[.
قلت: هل هذا رأيكم خاصة أم رأي مشايخ التبليغ كلهم؟
قال: هذا ليس رأينا فقط، بل رأي كل مشايخ التبليغ وعقيدتهم.
والتقيت مع الشيخ الحمداوي( ) ووجهت إليه الأسئلة التالية:
ما منهج جماعة التبليغ تجاه توحيد الله في الأسماء والصفات؟
قال: هل سألت هذا السؤال لأحد من مشايخ التبليغ.
قلت: نعم.
قال: فما أجابوك؟
قلت: نثبتها مع التنزيه والله ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ نثبت اليدين والوجه والأصابع والقدم مع تنزيهه، ونقول إن له هذه الصفات دون تشبيه، وإنما تليق بجلال الله -عز وجل-.قال: نعم هذا هو الصحيح وهو عقيدة السلف الصالح -رضي الله عنهم أجمعين-.
قلت: فما رأيكم( ) في مذهب الأشاعرة الذين يقولون إن معنى (استوى) أي استولى ويأولوا الصفات والأسماء؟.
قال: هذا خطأ منهم وهم يحتجون لذلك بأنهم يخافوا فتنة العوام، فلذلك يأولون الأسماء والصفات، ولكن مع ذلك لا يجوز تكفيرهم بل هم مسلمون( ).
قلت: ما رأيكم بقول من قال: إن الأعمال الصالحة لا تدخل في مسمى الإيمان، ويقولون إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص؟.
قال: الأعمال تدخل في مسمى الإيمان لقول رسول الله نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة "أفضل الأعمال إيمان بالله ورسوله" فجعل الإيمان عمل والإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية لقوله تعالى:
]هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم[( ).
والذين قالوا: إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، إنما عرفوه بذلك باعتبار المعرفة القلبية فقط، وهذا جهل منهم بحقيقة الإيمان، لأن الإيمان ليس مجرد معرفة بل المعرفة مقرونة مع العمل.
قلت: في بعض البلاد الإسلامية كمصر مثلاً نرى الناس يطوفون بالقبور ويتوسلون بأصحابها، ويذبحون لها، وإذا سألتهم عن ذلك قالوا: إنا نرجو بركة صاحب هذا القبر، فما رأيكم بمثل هذه الأفعال؟
قال: هذه سنة الله كلما ابتعد الزمان، وكلما بعدت الأمة عن الدين، فيرجع الناس إلى الشرك ويبتعدون عن الدين، فهؤلاء محتاجون إلى من يوجههم إلى الحق، وبنو إسرائيل لما نجاهم الله من فرعون عبدوا العجل.
وأما التوسل الحقيقي فوضحه رسول الله في الحديث الصحيح وهو حديث أصحاب الغار، فالتوسل بالإيمان والأعمال الصالحة، هذا هو التوسل المشروع، فالنبي بين لنا هذا الحديث حتى نتوسل بالأعمال الصالحة، وأما من يريد الاحتجاج بحديث الأعمى( ) إنما يريد أن يضيق واسعا، فالله أذن لنا بالتوسل بجميع الأعمال الصالحة، ولكن يأبى الناس إلا التضييق، والتوسل بالأنبياء والأولياء والله تعالى وصف المشركين بأنهم لا يكتفون بما أمرهم الله به، وإنما يريدون زيادة على ذلك، والله يقول: ]وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون[( ).
وهذه الآية تفيدنا أن نتوجه إلى الله وحده والمشركون لا يحبون هذا ويريدون من دونه، والله في القرآن الكريم إنما وجهنا أن نستعين بالصلاة، ولو كان الله يريد لنا الاستعانة والتوسل بغير ذلك، لبينه لنا ولقال: ]استعينوا بإبراهيم[ وهكذا فهذا دليل على أن التوسل لا يجوز إلا بما شرع الله في كتابه وعلى لسان رسوله.
قلت: وهو آخر ما أردت بيانه من منهج الجماعة تجاه توحيد الله -عز وجل- في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته، مما يجعلني أجزم بأن منهج هذه الجماعة في العقيدة (الربوبية، الألوهية، والصفات) هو على منهج السلف الصالح لا شك في ذلك عندي ومن هنا يتبين خطأ من قال أن عقيدتهم أشعرية ماترودية أو غير ذلك من العقائد المخالفة لما كان عليه سلف هذه الأمة، والحمد لله رب العالمين.